براءة الجميع في قضية القرن .. قرار تاريخي في محاكمة “غير ثورية”

صباح يوم السبت 29 نوفمبر من عام 2014  قضى المستشار محمود الرشيدي رئيس محكمة الجنايات في القاهرة ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك من تهمة قتل المتظاهرين لعدم جواز الدعوى من الأساس. 

الاندهاش يسيطر على الجميع وفي الخلفية تلوح صورًا لجثث شهداء ثورة 25 يناير والقناصة أعلى الأسطح والمباني في ميدان التحرير، معاناة 3 سنوات من جلسات ومتابعات وشهادات تمر، مظاهرات تخلفها مظاهرات، وقفات تلو وقفات، المشاهد تمر أمام الجميع  يخرسها جميعا صوت القاضي المستشار محمود كامل الرشيدي بالحكم .

وفي عقل الجميع أيضا: “نحن في بلادنا نحترم القانون ولا نعقب على أحكامه”.

ظهر يوم 29 نوفمبر من عام 2014 أمام مستشفى المعادي العسكري بالمعادي مبارك يظهر محيا أنصاره بعد الحكم وهو نائم على سريره الطبي.

وأنهت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، صباح السبت، آخر جلساتها في قضية القرن، وحكمت بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية ضد الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، في اتهامه بقتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، وانقضاء الدعوى لكل من المتهمين علاء وجمال مبارك في تلقي عطايا عبارة عن 5 فيلات.

وانقضاء الدعوى الجنائية في قضية رجل الأعمال الهارب، حسين سالم، في تلقي 5 فيلات كعطايا، وبراءة مبارك من تهمة تصدير الغاز لإسرائيل، وكذلك براءة وزير الداخلية الأسبق، اللواء حبيب العادلي، ومساعديه، اللواء عدلي فايد، المساعد الأول لوزير الداخلية لمصلحة الأمن العام السابق، واللواء أحمد رمزي، المساعد الأول لوزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي السابق، واللواء إسماعيل الشاعر، مساعد الوزير، مدير أمن القاهرة السابق، واللواء أسامة المراسي، مساعد وزير الداخلية، مدير أمن الجيزة السابق، واللواء عمر فرماوي، مساعد وزير الداخلية، واللواء حسن عبدالرحمن، مدير جهاز أمن الدولة السابق، من اتهامات بقتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير.

حيثيات قرار المحكمة  

“تقصي حقائق فض اعتصام رابعة”: إدانة للجميع ..وبحث عدالة غائبة

كشف تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة من جانب الحكومة المصرية، لكشف حقائق الأحداث التي وقعت قبل وخلال وبعد فترة أحداث 30 يونيو والتي عزل على إثر ثورة شعبية خلالها الرئيس السابق محمد مرسي، ما تسبب في حالة غضب عارمة اجتاحت أنصاره ومؤيدينه وجماعة الإخوان وحزبها، المنحل في وقت لاحق، “الحرية والعدالة” جعلتهم يعتصمون في ميداني النهضة بالجيزة ورابعة العدوية في مدينة نصر شرق العاصمة القاهرة.

وأدانت لجنة تقصي الحقائق كل من الشرطة فيما يمكن تلخيصه بالعنف المفرط وزيادة عدد الضحايا الذين سقطوا خلال أحداث فض الاعتصامين، كما أدانت اللجنة جماعة الإخوان وأنصارها في التعامل المسلح مع الأمن وتعطيل حياة المواطنين والتحريض على العنف.

والمثير أن التقرير حمّل  الجميع المسؤولية دون أن يضعها على طرف بعينه، الأمر الذي يصعب في تتبع الطرف المتهم أهو الحكومة أم الإخوان ؟!، ففي الوقت الذي أرضى فيه التقرير جميع الأطراف إلا أنه أغضبهم أيضا فيمن يتحمل المسؤولية ؟!

وأوصت لجنة تقصي حقائق أحداث 30 يونيو، الحكومة المصرية بتعويض كل الضحايا الذين سقطوا نتيجة الاشتباكات المسلحة ممن لم يثبت تورطهم في أعمال عنف أو التحريض عليها، وينبني هذا التعويض على أساس مسؤولية الدولة عن نتائج أحداث الشغب، فلقد كان على الدولة واجب الحفاظ على النظام العام بعناصره المعروفة وهي الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة، وإن لم تتمكن الدولة من تحقيق ذلك، فعليها التعويض لكل الضحايا بالضوابط السابقة.

والحيلولة دون التأثير على المواطنين البسطاء بأفكار متطرفة من خلال عوامل الجذب مثل الدعم المادي والخدمات واستغلال الدين، وذلك من خلال رؤية متكاملة يشارك في وضعها جميع المتخصصين والباحثين المعنيين.

وترشيد العمل الدعوي والفصل بينه وبين العمل الحزبي أو السياسي أو النقابي. وتفعيل عدم قيام الأحزاب السياسية على أساس ديني حفاظاً على وحدة المجتمع وتماسك النسيج الوطني.

والتأكيد على حرية التعبير عن الرأي طالما أن ذلك لا يحمل تحريضاً أو يدعو إلى استخدام العنف.

توصيات موجهة للشرطة

أوصت لجنة تقصي الحقائق تطوير مهارات الشرطة من خلال وضع برامج تدريبية تستهدف بناء القدرات، خاصة ما يتعلق بأساليب البحث الجنائي، والتعامل مع فض التجمعات والحشود الجماهيرية بالطرق السلمية، فضلاً عن مهارات التفاوض والحلول الودية، والاطلاع الدوري على المعايير الدولية ذات الصلة بفض التجمعات بالقوة ووسائل الفض بغية الوقوف على المستحدثات، وتقليل الخسائر والإصابات البشرية إلى أدنى حد ممكن.

يوم فض اعتصام ميدان النهضة بالجيزة
يوم فض اعتصام ميدان النهضة بالجيزة

وتفعيل استخدام أجهزة التصوير والتسجيل في الأقسام ومع ضباط العمليات لتسهيل مراقبة أعمالهم والاحتفاظ بهذه التسجيلات مدد معينة بموجب قانون أو لائحة، ومعاقبة من يعمد إلى تعطيل أو عدم استخدام هذه الوسائل.

وإعادة النظر في استخدام طلقات الخرطوش، وذلك لكثرة الإصابات التي تحدثها إذ كثرت حوادث فقدان البصر والعاهات المستديمة لاستخدام هذا النوع من التسليح، ويمكن الاستعاضة عنه بوسائل أخرى مبتكرة لدى كليات العلوم لا تؤدي إصابات، وحسن التعامل مع الجمهور واحترام جميع حقوقه من خلال تفعيل المناهج المقررة بكليات الشرطة التي تبلور وتعظم من شأن حقوق الإنسان.

توصيات موجهة للمؤسسات الثقافية والتعليمية والدينية

ترسيخ مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لكونهما دعامتين أساسيتين لبناء المجتمعات الحديثة، فهذه قيم أصيلة ونبيلة، وقد تهتز هذه القيم أحياناً في صراعات الحياة المعاصرة، ولكنها سرعان ما تعود إلى الاستقرار.

وضرورة نشر وتدعيم ثقافة التظاهر السلمي في النظام السياسي المصري، وذلك بتربية المواطن على قواعد الديمقراطية، وإرساء مبدأ أن التظاهر هو وسيلة سلمية للتعبير عن الرأي، وليس تخريباً للمجتمع، وتوجيه صانعي السياسات العامة نحو مصالح تهم الفئات المختلفة في المجتمع تراها بعض الجماهير ضرورة لها، مع الأخذ في الاعتبار أن الأنظمة القانونية المعاصرة تجمع على حق سلطات الأمن في فض المظاهرة في حالات محددة، خاصة إذا كانت غير سلمية.

عمليات تدمير المنازل في رفح بسيناء
عمليات تدمير المنازل في رفح بسيناء

وتفعيل دور الأزهر كمنارة للإسلام الوسطي في مواجهة دعوات التطرف الديني من خلال نشر قوافله في المناطق التي تكثر فيها دعوات التطرف وذلك لإعطاء الدروس وتوزيع المطبوعات عن وسطية الإسلام، ومراجعة وتغيير ومراقبة دور التعليم في إنماء فكرة المواطنة، خاصة في المناهج التعليمية، و دراسة وتحليل أسباب اللجوء إلى العنف، ومن ثم وضع الحلول لها بدلاً من مواجهة العنف بالحل الأمني فقط.

ورغم أن التقرير أرضى جميع الأطراف إلا أنه أغضبهم أيضا ولم يجب على السؤول من يتحمل المسؤولية ؟!

تقرير اللجنة كاملا هنا

هاني الجمل .. قصة نجاح مصرية من جامعة الميريلاند إلى سجن طره !

التظاهر ضد قانون التظاهر الجديد والتي أقرته الحكومة المصرية والذي يشترط أعدادا معينة إذن مسبق وموافقة الأمن، أبقى كثير من شباب مصر المتميزين خلف القضبان منذ العام الماضي وتحديدا 26 نوفمبر 2013، حيث يقبع من بين المقبوض عليهم في المظاهرة الاحتجاجية ومن غير المشهورين إعلاميا وليس مسلط عليهم الأضواء، المهندس هاني الجمل خريج جامعة الميريلاند الأمريكية.

هاني الجمل من مواليد القاهرة 10 أكتوبر 1974، متزوج وعنده ثلاثة أطفال يبلغون من العمر 13, 8, وعام واحد، تخرج هاني الجمل من قسم الاتصالات كلية الهندسة جامعة القاهرة بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1997 ورشح للعمل كمعيد في قسم الرياضيات، كما حصل على الماجستير عام 2002 في الاتصالات اللاسلكية من جامعة ميريلاند الأمريكية (الجامعة من ضمن أفضل 20 جامعة في الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك التخصص).

في عام 2004 بدأ في دراسة الاستثمار وعلم الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في القاهرة. وفي عام 2010 أتمم امتحان المستوي الأول من شهادة المحلل المالي المعتمدة (CFA) بنجاح. وفي عام 2012 حصل على شهادة الـ ITIL Expert كخبير في مجال إدارة خدمات تقنية المعلومات.

هاني الجمل يمثل نموذجا صارخا للنجاح إلا أن هذا النجاح في مهب الريح وهذا المستقبل المشرق لن يعد مشرقا بل معتما ليس عليه وحده بل عليع وعلى أفراد أسرته الأربعة، حيث يواجه هاني حكما بـ 15 عاما كفيلة بتحويل قصة النجاح هذه إلى أعظم قصة فشل لمجرد التعبير عن الرأي !.