أرشيفات الوسوم: سيناء

رفح سيناء… تهجير بطعم النكسة  

ذريعة درء الإرهاب هي وحدها القادرة على فك طلاسم أصعب القرارات المثيرة للجدل والغضب أيضا. فلا وقت للحديث عن الإنسانيات وحقوقها مع وجود خطر أكبر يعوق ملامح الحياة اليومية للمواطنين، فقرار تهجير سكان بعض المناطق الحدودية في سيناء بمصر، هو صعب لكن مع وجود مبرر كالقضاء على الإرهاب لا يوجد سبباً قويًا لرفضه، أو تفنيده، حيث خسرت مصر من جنودًا وضباطاً من أبنائها وهي خسارة “كبيرة” أيضاً، لكن السؤال: هل هذا الحل سيكفي للقضاء على الإرهاب أم باب لمزيد من القرارات الصعبة أيضًا ؟!.

قرار إجباري

وجاء قرار الحكومة صارماً في إجبارية التنفيذ حتى مع الرافضين حيث أصدر المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، الأربعاء، قراراً بعزل المنطقة المقترحة لمدينة رفح على الإتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي لمحافظة شمال سيناء، وإخلائها من السكان وتوفير أماكن بديلة لكل من يتم إخلاؤه.

وأكد القرار على تنفيذ الإخلاء بشكل جبري في حالة إمتناع أي مقيم عن الإخلاء الودي، ويتم تقدير التعويضات المستحقة طبقا للقانون.

الجيش يبدأ في تدمير المنازل المخلاه في رفح
الجيش يبدأ في تدمير المنازل المخلاه في رفح

وتضمن القرار خريطة بحدود المنطقة العازلة في مدينة رفح على الإتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي لمحافظة شمال سيناء، وقدّرت الحكومة منازل أولى مراحل الإخلاء بنحو 800 منزل يعيش فيها أكثر من 1100 أسرة.

خريطة توضيحية لمناطق الإخلاء في رفح
خريطة توضيحية لمناطق الإخلاء في رفح

وقررت دفع 300 جنيه لكل أسرة شهريًا، لتأجير سكن موقّت، لمدة 3 أشهر، لحين تقييم لجنة التعويضات قيمة المنزل وتدبير كل أسرة سكنًا دائمًا.. وقدّرت ثمن متر الأرض الخالية من المباني بـ 100 جنيه و700 جنيه إذا كان مبنيًا عليها دون خرسانات، و1200 جنيه لمتر المنزل الخرساني.

تنمية بديلا عن الهدم

ومع كل حدث جلل نعود لنكرر أن حلولاً كثيرة غابت عن الأعين وكانت كفيلة لدرء هذا القرار الصعب على الجميع، من بينها ما طرحه الدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء الأسبق، مرتين الأولى في أواخر التسعينيات، والثانية عام 2012، حينما شكّل هيئة مستقلة لتنمية سيناء، وخصص لها ميزانية ضخمة بحوافز مغرية للعاملين بها، تشجيعا لهم على الإقامة الدائمة في سيناء، ضمن المشروع القومي الوطني الشامل لتعمير وتنمية سيناء، كخط أحمر للأمن القومي المصري والعربي الشامل، لكن هذا لم يحدث ولم نعرف وقتها ولن نعرف لمصلحة من تلغى وتؤجل تلك القرارات المصيرية.

التهجير ليس جديدًا

قبل ثورتي 1919 و1952 في مصر وبعدهما، شهدت منطقة بلاد النوبة جنوب مصر شمالي السودان، عدة عمليات تهجير للسكان بدأ أولها عندما اضطرت السلطات إلى تهجير أبناء النوبة عند بناء خزان أسوان وتعليته الأولى والثانية في أعوام ‏1902‏ و1913‏ و1933‏، لكن كلمة “التهجير” عرفت على نطاق واسع لأول مرة في تاريخ مصر الحديث مع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حيث تم تهجير سكان مدن القناة إلى عمق مصر، لإعداد جبهة القتال على طول قناة السويس.

وحتى الان يحلم النوبيوين القدامى بالعودة إلى وطنهم القديم، فيما لم يزالون  يقدمون المزيد من الطلبات للعودة مرة أخرى.

رفض التهجير

ودشن مستخدموا تويتر هاشتاج ” #التهجير_مش_حل ” رافض لعملية التهجير اعتبرها البعض يخالف نص المادة 63 من الدستور المصري المعدل في 2014، التي تقول: «يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع أشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم».

في حين أكد  عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، في مداخلة على إحدى الفضائيات، إن الدولة حريصة على مصلحة أهالي سيناء ومسؤلياتها تجاههم، مضيفًا أن هناك 120 مواطنًا سيناويًا وافقوا على الإخلاء الطوعي، وأنه تم عقد جلسات مع سكان المنطقة الحدودية وإجراء استبيان حول كيفية تعويض الأهالي، مؤكدًا أن 65 % طالبوا بتعويضات نقدية مقابل إخلاء منازلهم.

وتعود بنا عملية التهجير في المناطق الحدودية برفح وإقامة منطقة عازلة على الحدود لسد الأنفاق وهدمها إلى مشاهد التهجير التي تحدث أعقاب الهزائم في الحروب، وكأنها هزيمة معركة أمام العمليات الإرهابية التي أجبرت الجميع على مثل هذا القرار !.