أرشيفات الوسوم: اقتصاد

أرقام مخيفة عن اقتصاد مصر !

ما بين خلعٍ وعزلٍ وتفويض أفضى لانتخاب، تقطّعت أنفاس المصريين جريًا وراء أمل أن يجد ضعيف الحيلة قوت يومه دون مذلة أو عناء يتحول بعد فترة لاستجداء بائس.

في الوقت الذي أنهك فيه عطش نهار رمضان ما تبقى من مقاومة قرارات قد تجلب مزيدًا من البؤس بعد ثورتين متتابعتين طفت أرقاما مخيفة لا يعي البعض ما تحمله من تداعيات، بجانب أن ما حدث من قرارات رفعت بدورها الأسعار ما هو إلا جزءٌ من كل، فارتفاع أسعار البنزين لتوفير 40 مليار جنيه من أصل 104 مليارات جنيه، القيمة الكلية للدعم، ما هو إلى خطوة نحو سعي الحكومة للوصول للنسبة 0% في الدعم، قبل 3 سنوات ما ينبئ عن ارتفاع تلك الأسعار مرة أخرى.

تصدمنا الأرقام حين نعرف أن معدل النمو الاقتصادي انخفض إلى 1.2%، أي أننا لا ننتج ولا نصنّع، «محلك سر»، كما تراجعت قطاعات غير إنتاجية فتراجع معدل ﻨﻤﻭ ﻗﻁﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺤﺔ ٣٠%، ﻜﻤﺎ ﺘﺭﺍﺠﻊ ﻤﻌﺩل ﻨﻤﻭ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍلاﺴﺘﺨﺭﺍﺠﻴﺔ ٤%، ﺨﺎﺼﺔ ﻗﻁﺎﻉ اﺴﺘﺨﺭﺍﺝ ﺍﻟﻐﺎﺯ الطبيعي، ﻭﺍﻟﺫي ﺘﺭﺍﺠﻊ ﺒﻨﺴﺒﺔ 8.2%، لتوقف الاستخراجات والاكتشافات.

وجاء ﺩﺴﺘﻭﺭ ٢٠١٤ وزاد من عبء الدولة المنهكة اقتصاديًا، باﻟﺘﺯﺍﻤﺎﺕ إﻀﺎﻓﻴﺔ بإجراءات كتعديل ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻟﻸﺠﻭﺭ، بتكلفة 18 مليار جنيه، ﻭﺯﻴﺎﺩﺓ ﺩﺨﻭل ﺍﻟﻤﻬﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﺔ ﻭﻋﻼﻭﺓ ﺍﻷﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻤﻴﻥ، ﻭﺯﻴﺎﺩﺓ ﻤﻌﺎﺵ ﺍﻟـﻀﻤﺎﻥ الاجتماعي، بتكلفة 11 مليار جنيه، ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ تثبيت العمالة المؤقتة، كلها مصاريف لم تكن تطبق فيما قبل.

ورغم تساؤلات كثيرون حول اتجاهات الإنفاق من حصيلة إيرادات الضرائب ودهشتهم من كثرة الرسوم نجد مصر من أقل الدول من حيث الإيرادات في الضرائب، فتبلغ ﺠﻤﻠﺔ المحصلات ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻴﺔ في ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻤﻭﺍﺯﻨﺔ ٣٦٤ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺠﻨﻴﻪ، بنسبة 15% من إجمالي الناتج المحلي، وهي ﻨﺴﺒﺔ ﻤﻨﺨﻔﻀﺔ، ﺤﻴﺙ ﻴﺒﻠﻎ ﻤﺘﻭﺴﻁ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ٢٣% في ﺍﻟـﺩﻭل ﻤﻨﺨﻔﻀﺔ ﺍﻟﺩﺨل، ﻭ٢٨% في ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻨﺎﺸﺌﺔ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺘﺭﺘﻔﻊ ﺇﻟﻰ ﻨﺤـﻭ ٣٦% في ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ، فما أكثر الهاربين من دفع الضرائب في مصر!.

حتى الدعم الخليجي لن ينتشل الاقتصاد طالما أنه عاجزا عن الإنتاج فخزانة الدولة التي استقبلت 16.7 مليار دولار العام الماضي، مازالت عاجزة عن سد الفروق بين المصروفات، فلن تفلح سياسة المنح والعطاءات وحدها ولا فقط إلغاء الدعم، بالرغم من أن السيسي واجه تلك الأزمات برفع 40% من دعم المواد البترولية، والذي وفّر 40 مليار جنيه، وطبق الحد الأقصى للأجور، الذي سيعيقه كبار قيادات قطاعي البنوك والبترول، أصدر قرارًا برفع الضريبة على الدخل، والضريبة العقارية على المباني، والضرائب على المبيعات، وقرر زيادة رسوم ﺍﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﻤﻨﺎﺠﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺠﺭ وتعديل قوانينها، ﻭﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻹﻴﺠﺎﺭ ﺍﻟﺴﻨﻭي ﻟﺘـﺭﺍﺨﻴﺹ ﺍﻟﺒﺤـﺙ ﻭﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻐﻼل، مكافحة التهرب الضريبي، إلا أن كل ذلك لن يفلح في نشل اقتصادنا العسر من وحلته، لن ينمو إلا بموارد ﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺼﻔﺔ الاستدامة ﻭالاﺭﺘﺒﺎﻁ ﺒﺎﻟﻨﺸﺎﻁ الاﻗﺘﺼﺎﺩي، والإيرادات.

لا يعيب المواطن الاستجداء والاعتماد على الدعم لكن يعيب الحكومة تطبيق سياسة إلغاء الدعم دون ضوابط وأدوات للرقابة على السوق للتحكم في الأسعار، مع عجزها عن توفير خدماته واحتياجاته وفرض ضرائب وضبط أسعار الخدمات بعدالة ومساواة على جميع الشرائح المجتمعية مع إعفاء كل من هم تحت خط الفقر إذا أجزمنا بمقدرة الحكومة على حصرهم من الأساس، فكروت البنزين التي أنفقت فيها الحكومة ملايين من الجنيهات لم نستفد منها شىء في الوقت الذي اضطرت فيه الحكومة تخفيض دعم الوقود.

إقرار قانون حرية تداول المعلومات، خاصة ذلك المتعلق بالموازنة العامة والرواتب الحكومية بما فيها المؤسسسات الأمنية والرئاسية والوزارية، وموارد الدولة وطريقة إنفاق تلك الموارد، أصبح أمرا إلزاميا، كي يعلم المصريون أين تذهب أموال دولتهم بكل شفافية وصدق، فالمصارحة والمكاشفة والمواجهة خير من القرارات الإلزامية بعيدا عن سياسة «أنا ربكم الأعلى»، حتى لا يفاجأ من في الحكم بثورة ثالثة تأكل ما تبقى من فتات دولتنا.

الموازنة المصرية 2014-2015